< وثيقة تكشف كيف كانت مواعيد العمل في رمضان في السعودية قبل الطفرة وسر الدوام الليلي في هذه الوزارات | الأحداث السعودية

وثيقة تكشف كيف كانت مواعيد العمل في رمضان في السعودية قبل الطفرة وسر الدوام الليلي في هذه الوزارات

كيف كانت مواعيد العمل في رمضان في السعودية قبل الطفرة وسر الدوام الليلي في هذه الوزارات
  • آخر تحديث

في زمن الأجداد، كانت مواعيد العمل خلال شهر رمضان تختلف تمامًا عن النظام الذي اعتاده الأحفاد اليوم، إذ لم يكن النهار وقت مناسب لأداء المهام الرسمية بسبب الصيام وارتفاع درجات الحرارة، بل كان الليل هو الوقت المثالي لإنجاز الأعمال الحكومية.

كيف كانت مواعيد العمل في رمضان في السعودية قبل الطفرة وسر الدوام الليلي في هذه الوزارات

هذا ما توضحه وثيقة تاريخية نشرت قبل أكثر من تسعين عام في صحيفة "أم القرى"، الصحيفة الرسمية للمملكة العربية السعودية، والتي تكشف عن نظام العمل الرمضاني في تلك الحقبة.

إعلان رسمي يغيّر مفهوم الدوام اليومي

في عددها رقم 470 الصادر بتاريخ 28 شعبان 1352هـ، الموافق 15 ديسمبر 1933م، نشرت صحيفة "أم القرى" إعلان رسمي صادر عن حكومة البلاد، يقضي بتغيير مواعيد الدوام الرسمي خلال شهر رمضان المبارك.

وبحسب الإعلان، فقد تقرر أن تبدأ ساعات العمل في جميع الدوائر الحكومية من الساعة الثالثة ليلاً وحتى الساعة الثامنة قبيل السحور، وهو ما يعكس انسجام نظام العمل مع متطلبات الصيام والعبادة في ذلك الوقت.

التوقيت الغروبي: كيف كان يُحسب الوقت في السعودية؟

في ذلك العصر، لم يكن الوقت يحسب وفقًا للتوقيت المتعارف عليه اليوم، بل كان يستخدم ما يعرف بـ"التوقيت العربي" أو "التوقيت الغروبي"، حيث كان يعاد ضبط الساعات مع غروب الشمس ليبدأ اليوم الجديد عند أذان المغرب.

هذا النظام استمر في السعودية حتى عام 1384هـ (1964م)، وكان يعني أن الساعة 12 منتصف الليل تبدأ فعليًا عند المغرب. ووفقًا لهذا التوقيت، فإن ساعات الدوام الرمضاني المعلن عنها كانت تعني العمل من الساعة العاشرة مساءً وحتى الثالثة فجرًا بالتوقيت الحالي، وهو ما يعادل الفترة الليلية التي تسبق السحور.

لماذا كان الليل هو وقت العمل؟

اعتماد الليل كفترة عمل رئيسية خلال رمضان لم يكن قرارًا إداريًا فقط، بل كان استجابة لظروف الحياة آنذاك، فمع غياب وسائل التبريد الحديثة، كان النهار شديد الحرارة، ما يجعل الصيام أكثر مشقة، خاصة أن الأعمال في ذلك الوقت كانت تعتمد على الجهد البدني إلى حد كبير.

ومن خلال تحديد أوقات الدوام خلال الليل، كان يمكن للموظفين أداء مهامهم دون أن يعانوا من الإرهاق بسبب الجوع والعطش.

كما كان هذا النظام يمنحهم فرصة لقضاء نهار رمضان في العبادة، وقراءة القرآن، والراحة، مما يعزز الطابع الروحاني لهذا الشهر الفضيل.

مقارنة بين الماضي والحاضر: كيف تطور نظام الدوام في رمضان؟

إذا نظرنا إلى نظام العمل الحالي خلال رمضان، نجد أنه يختلف بشكل جذري عن النظام الذي كان معتمدًا قبل تسعين عام.

اليوم، تبدأ ساعات الدوام الحكومية في الصباح وتمتد حتى الظهر أو العصر، ما يجعل الموظفين يؤدون أعمالهم أثناء الصيام، خلاف لما كان عليه الحال في الماضي حيث كان الليل هو وقت العمل الرسمي.

يعود هذا التغيير إلى التطورات الكبيرة في نمط الحياة، مثل توفر أجهزة التبريد، وتحسن ظروف العمل، ووجود أنظمة إدارية حديثة تضمن استمرارية الأداء دون الحاجة لتغيير جذري في جداول الدوام.

نظرة إلى الماضي: كيف عاش الأجداد رمضان؟

لم يكن رمضان في ذلك الزمن مجرد شهر صيام، بل كان فترة تتطلب إعادة تنظيم الحياة بالكامل.

ومع غياب وسائل الراحة المتاحة اليوم، مثل المكيفات والسيارات والمواصلات السريعة، كان الناس يتكيفون مع ظروفهم بطريقة مختلفة تمامًا.

كان الليل وقت العمل والإنجاز، والنهار وقت التفرغ للعبادة والراحة. ورغم مشقة الحياة آنذاك، إلا أن ذلك النظام كان يحقق توازن يساعد الصائمين على أداء عباداتهم دون أن يتأثروا بالإرهاق والجوع والعطش.

بين الماضي والحاضر.. هل يمكن إعادة التفكير في نظام العمل الرمضاني؟

تاريخيًا، كانت مواعيد الدوام في رمضان مصممة لتناسب طبيعة الصيام وظروف المعيشة، واليوم، رغم التطورات الحديثة، لا يزال الجدل قائمًا حول أفضل نظام عمل خلال هذا الشهر الكريم.

فهل يمكن الاستفادة من تجربة الأجداد وإعادة النظر في مواعيد العمل لتكون أكثر مرونة خلال رمضان؟ وهل يمكن أن يكون الليل هو وقت العمل في بعض القطاعات كما كان الحال قديمًا؟ أسئلة تبقى مطروحة، بينما يستمر رمضان في كل عصر في تشكيل نمط حياة خاص به، يتكيف مع طبيعة الزمن ومتغيراته.