< ليست واحدًا فقط.. تعرف على محاريب المسجد النبوي وأي واحد منها وقف عليه الرسول محمد في أخر أيامه وموقعه في المسجد | الأحداث السعودية

ليست واحدًا فقط.. تعرف على محاريب المسجد النبوي وأي واحد منها وقف عليه الرسول محمد في أخر أيامه وموقعه في المسجد

تعرف على محاريب المسجد النبوي وأي واحد منها وقف عليه الرسول محمد
  • آخر تحديث

يعد المحراب في المسجد النبوي الشريف واحد من أبرز المعالم الدينية والمعمارية التي ترمز إلى قدسية المكان وتحدد اتجاه القبلة، حيث يقف الإمام فيه لإمامة المصلين خلال الصلوات الخمس.

تعرف على محاريب المسجد النبوي وأي واحد منها وقف عليه الرسول محمد 

شهد المحراب على مدار التاريخ تطورات عديدة، تعكس مدى اهتمام المسلمين بعمارة بيوت الله وإضفاء لمسات جمالية وإبداعية تجسد روح الفن الإسلامي الأصيل.

ولم يكن المحراب، كما نعرفه اليوم، جزء من المسجد في بداياته، بل تطور عبر الزمن من مجرد موضع للصلاة إلى عنصر معماري فريد يبرز روعة الزخرفة الإسلامية ودقة النقوش الهندسية التي أبدعها المسلمون على مر العصور.

المحراب في القرآن الكريم: دلالات متعددة تعكس مكانته في التاريخ الإسلامي

ورد ذكر كلمة "المحراب" في القرآن الكريم في أربعة مواضع، حملت كل منها معنى مختلف يعكس استخداماته المتعددة، فتارة يأتي بمعنى البيت أو المصلى، وتارة أخرى يشير إلى صدر البيت أو المكان الذي يتعبد فيه الإنسان.

وهذا التنوع في المعاني يبرز أهمية المحراب عبر العصور، ليس فقط كعنصر معماري، بل كرمز ديني يرتبط ارتباط وثيق بالعبادة والخشوع، حيث يقف فيه الإمام ليؤم المسلمين، ويوجههم نحو القبلة، وهو ما يعزز مكانته في وجدان المسلمين.

تاريخ المحاريب في المسجد النبوي: من عهد النبي إلى يومنا هذا

لم يكن للمسجد النبوي في بداية تأسيسه محراب مجوف كما هو الحال اليوم، ففي عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، لم يكن هناك محراب بارز يحدد موقع الإمام، بل كان النبي عليه الصلاة والسلام يتقدم الصفوف ويصلي عند أسطوانة عائشة، ثم عند الأسطوانة المخلقة، بعد أن تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وأصبح الجدار الجنوبي للمسجد هو الاتجاه المعتمد للصلاة.

وقد بدأ ظهور المحاريب المجوفة لأول مرة خلال العهد الأموي، وتحديدا في توسعة الخليفة الوليد بن عبدالملك للمسجد النبوي بين عامي 88 و91هـ، حيث أمر بإنشاء المحراب المجوف لأول مرة، ونفذ هذا العمل بإشراف والي المدينة آنذاك عمر بن عبدالعزيز، الذي اهتم بإضفاء الطابع الجمالي عليه من خلال استخدام الزخارف الإسلامية الدقيقة، مما جعله علامة بارزة في جدار المسجد تحدد اتجاه القبلة بوضوح.

تنوع المحاريب في المسجد النبوي: معالم بارزة تعكس تطور العمارة الإسلامية

لا يقتصر المسجد النبوي على محراب واحد، بل يضم عدد من المحاريب التي تحمل طابع تاريخي وروحاني مميز، وأهم هذه المحاريب:

  • المحراب النبوي الشريف: يقع في الروضة الشريفة، على يسار المنبر، وهو المحراب الأساسي الذي يستخدمه الإمام اليوم لإمامة المصلين، حيث يرتبط بمكان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ما يمنحه قدسية خاصة لدى المسلمين.
  • المحراب العثماني: يقع في الجدار القبلي للمسجد، ويعد من المحاريب البارزة التي أضيفت خلال توسعات المسجد في العهد العثماني، حيث اتسم بتصميمه الفريد وزخارفه الدقيقة التي تعكس الطابع الفني لتلك الحقبة.
  • المحراب السليماني (الحنفي): يقع غرب المنبر، وقد تم بناؤه خلال العصر العثماني ليكون مخصصًا للمصلين من أتباع المذهب الحنفي، وهو ما يعكس تعددية المذاهب الفقهية داخل المسجد النبوي على مر العصور.
  • محراب فاطمة: يوجد جنوب محراب التهجد داخل المقصورة الشريفة، وهو من المحاريب التي تحمل قيمة تاريخية كبيرة، حيث يقال إنه كان موضعًا للصلاة في بعض الأوقات.

المحاريب بين البعد الروحاني والجانب الجمالي في المسجد النبوي

لا تعد المحاريب في المسجد النبوي مجرد عناصر معمارية، بل هي شواهد حية على التطور المعماري الذي شهده المسجد عبر التاريخ، كما أنها تجسد الأهمية الروحانية لهذا المكان المقدس، حيث يقف فيها الإمام ليؤم المسلمين، ويصدح فيها صوت القرآن خلال الصلوات، مما يضفي عليها هيبة وسكينة تشعر بها القلوب قبل الأعين.

ومن خلال الزخارف البديعة والنقوش الهندسية المتقنة التي تزين المحاريب، نرى بوضوح كيف اهتم المسلمون منذ القدم بجمال بيوت الله، فجعلوا من هذه المحاريب لوحات فنية خالدة تشهد على رقي العمارة الإسلامية ودقتها.

لقد ظل المحراب على مر العصور رمز للقبلة وموضع للخشوع، ومرتبط ارتباط وثيق بروحانية المكان، حيث يقف المسلمون في صفوف منتظمة خلف الإمام، موجهين قلوبهم وأرواحهم إلى الكعبة المشرفة، ليظل المحراب شاهد على تلك اللحظات الإيمانية العميقة التي تربط بين الإنسان وخالقه، في أجواء تفيض بالطمأنينة والسكينة.